يقصد بالبورصة المعرفية أو تبادل المعرفة بشكلٍ عام اتباع منهج منتظم لتبادل المعرفة الضمنية – المعرفة التي يكتسبها الناس من خلال خبراتهم في العمل ونجاحاتهم وتحدياتهم في جميع أنحاء العالم. وبشكل خاص فإن البورصة المعرفية أو تبادل المعرفة، هي الناتج الرئيسي للبحوث الأكاديمية.
تلك المعرفة وتلك الأفكار تنتقل بين مصدر المعرفة والمستخدمين المحتملين لتلك المعرفة، ويحدث ذلك من خلال تدريب الباحثين في الدراسات العليا الذين يقومون لاحقاً بتطبيق تلك المعرفة في القطاع العام أو الخاص، أو من خلال المشاركة المباشرة بين الأكاديميين والقطاع العام / الخاص من خلال الأبحاث التعاونية أو التعاقدية، أو من خلال استغلال الملكية الفكرية من خلال إنشاء الشركات الناشئة، أو بطرق أخرى كثيرة. والعنصر الرئيسي المشترك في العملية هو تبادل المعلومات والخبرات مع الشركات والمجتمع و / أو الاقتصاد.
ويتمثل الهدف الرئيسي للبورصات المعرفية في ربط الممارسين (في أي مجال أو تخصص) ببعضهم البعض حتى يتمكنوا من مناقشة عملهم والتعلم من بعضهم البعض – وتحقيق تحسينات في النتائج. وتقاسم المعرفة، وخاصة المعرفة التجريبية، هو عنصر أساسي في الابتكار. بمعنى أن تبادل المعرفة أمر ضروري لتحقيق التعلم المستمر من التجربة وتطبيق هذا التعلم لتحسين عملنا.
لتحقيق هذه الأهداف، فإن تبادل المعارف يستفيد من أدوات وأساليب محددة. ويشمل ذلك أدوات لتعزيز التبادل الشخصي (وجهاً لوجه). كما أنها تشمل منصات وأدوات برمجية تتيح التواصل عبر الإنترنت ومشاركة المعرفة عبر الحواجز الجغرافية والتنظيمية، ودعم مجتمعات الممارسة للنمو، وإنشاء الحلول المشتركة، ومشاركة النجاحات والموارد الرئيسية.
وتتمثل إحدى الوظائف الرئيسية للبورصة المعرفية في تعزيز الاستفادة من أدوات تبادل المعرفة الأكثر فعالية واستخدامها من خلال توفير التوجيه والمعايير، والشراكات لدعم الشبكات الفعّالة، وتوفير التدريب والمشورة.
وتشمل مقاربات البورصة المعرفية أو تبادل المعرفة العديد من النشاطات كالبحث التعاوني وهو البحث الأكاديمي المضطلع به بالشراكة مع الجامعات الأخرى أو مؤسسات البحوث، مع الأعمال التجارية، مع الحكومة و / أو مع القطاع الثالث (مثل الجمعيات الخيرية). يمكن أن تأخذ الأبحاث التعاونية في سياق بورصات المعرفة أشكالاً عدة، ابتداءً من منحة أساسية بين شركتين، إلى برنامج بحث معقد متعدد الشركاء.
وكذلك هناك مقاربة أخرى هي التدريب التعاوني أي تمكين الباحثين من تطوير المهارات ذات الصلة لإجراء أبحاث عالية الجودة، والعمل بفعالية في الأعمال (و / أو الحكومة أو القطاعات المهمة الأخرى)، واستغلال نتائج أبحاثهم. وتشمل فرص التدريب دورات مهنية، ومشاريع دراسية تعاونية بين الأوساط الأكاديمية والصناعة، والتدريب في مجال ريادة الأعمال.
وأيضاً هناك مقاربة أخرى تعمل على زيادة مستويات التفاعل بين الجامعات والأعمال؛ وتبادل الباحثين بين الأوساط الأكاديمية والصناعة لتحفيز الشراكات بين رجال الأعمال والباحثين؛ أنشطة الوساطة والربط الشبكي، ونظم المنح الدراسية التي تمكن الباحثين من العمل في بيئة تجارية؛ وكذلك شراكات نقل المعرفة. وهناك مقاربة الأنشطة التجارية والتطويرية التي من خلالها يتم تشجيع الباحثين على المضي قدماً بأفكارهم في الطريق إلى الاستغلال ومكافأتهم على الابتكار العالي الجودة.
وتشمل فوائد بورصات المعرفة توفير الوقت والمال، وتحسين الفعالية – بما في ذلك القدرة على تطوير أساليب جديدة وأفضل للتغلب على التحديات، ومن ذلك إتاحة المشاريع المشتركة الوصول إلى مجموعات بيانات/ خبرات/ معدات واسعة النطاق تكون إما مستحيلة أو مكلفة للغاية للحصول عليها، كما تمنح الفرصة للعمل مع خبراء غير أكاديميين لديهم أساليب عمل مختلفة وطرقاً للبحث في مشكلات البحث – يمكن أن تكون هذه تجربة تعليمية مهمة جداً للجانبين، وأيضاً فإن عمليات التعاون تتيح مجموعة من فرص التمويل الجديدة، سواء أكانت تمويلاً مباشراً من المنظمة (المنظمات) المتعاونة أم التمويل من مجموعة من المصادر التي تهدف إلى تعزيز أنشطة تبادل المعرفة.
كما تسمح البورصة المعرفية الناجحة بزيادة تأثير الأبحاث بشكل كبير، ويقود التمويل لأنشطة البورصات المعرفية إلى نتائج اقتصادية عظيمة في سياقات تحسين الدخل سواء على مستوى الفرد أو على مستوى المؤسسات والمجتمع، وتشكل نتائج نشاطات البورصة المعرفية أو تبادل المعرفة أساساً لأمثلة التأثير في تدريبات التقييم مثل دراسات حالة التأثير لإطار التميز البحثي.
وتعطي أيضاً فرصاً لإنشاء شركات خارجية وتطوير نهج شراكة للتفاعلات المستقبلية مع المستخدمين الخارجيين لبورصة المعرفة، وهناك فوائد أخرى محتملة للبورصات المعرفية في سياق الأنشطة التعليمية إذ يمكنها تطوير مشاريع الطلاب (المرحلة الجامعية أو الدراسات العليا)، والوصول إلى مواد دراسة الحالة للمشاريع والفصول الدراسية العملية، وفرص زيارة الطلاب للمنظمات الشريكة وكذلك التطوير الوظيفي.
أما الحواجز المحتملة للبورصات المعرفية وخصوصاً مع المستخدمين الخارجيين فتتمثل في عدم معرفة الشركاء المحتملين وآليات التعاون وفرص التمويل، وكذلك الاختلافات في ثقافة البحث واللغة، كما أن الاختلافات (أو الاختلافات المتصورة) في محركات البحث بالإضافة إلى القيود المالية، الملكية الفكرية، وقضايا السرية، والجداول الزمنية المتباينة إذ أن الجامعات تعمل في كثير من الأحيان على جداول زمنية أطول بكثير من المتعاونين الخارجيين المحتملين، قد تشكل حواجز أخرى توضع في قائمة الاحتمالات التي قد تعيق عمل البورصة المعرفية وتبادل المعرفة، لكن ورغم ذلك فإن التعاون على التغلب عليها في سياقات التعاون والبورصات المعرفية قد يوصل إلى نتائج ناجحة ومرضية. وللحديث بقية.