قبل أيام قليلة أهداني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كتابه «قصتي.. خمسون قصة في خمسين عاماً»، وقد فرحت أيّما فرح بهذا الإهداء الذي سطره صاحب السمو لي بقلمه شخصياً، وقد وجدتها فرصة مواتية للحديث عن هذا الكتاب، كأقل تعبير ممكن عن امتناني وشكري وسعادتي.
يقال إن «قوة الرمح في أسنتها»، أي في بدايتها، هذه القوة تتجلى في بداية كتابه صاحب السمو، الذي يعنونه بـ«من هناك بدأنا وهنا انتهينا»، ويقول فيما يقوله فيه بأسلوب سرد شيق: «.. أعشق تحطيم حواجز جديدة أمام شعبي، أحب الوصول إلى قمم غير متوقعة، وأؤمن بأن ما يقود الشعوب نحو التطور ليس الوفرة المادية فقط بل الطموح، الطموح العظيم. نحن بشر، يحركنا الإلهام والطموح أكثر من أي شيء آخر…» وتنتهي الصفحة بقوله: «لا مستحيل أمام دولة الإمارات، ولا قوة يمكن أن تقف أمام إرادة شعبها».
أسلوبه سهل ممتنع، وسرده شيق ماتع، يجمع بين عمق القديم وفصاحته وبراعة الجديد وحداثته؛ أفكاره تهب من غيبٍ سريٍ عجيب؛ رؤاه مستقبلية، وكلماته سلسة تترافد ككثبان رمال البيد إعجازاً وبياناً وسحراً، وليس هذا بغريب على عربي أصيل مثل سموه، وقد قال الرسول (ص): «إن من البيان لسحراً».
لن يتسنى لأي امرئٍ أن يبلغ مفاهيم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وكلماته عن طريق العقل وحده، ولا حتى عن طريق القلب وحده، فعالمه لا يمكن أن تراه إلا عين القلب وعين العقل في آن، وهاتان العينان تعنيان أن نرى الشيء متجدداً بين كل آن وآن، أي أن لكلماته صاحب السمو امتدادات زمنية غير محدودة، وكذلك رؤاه وأفكاره التي يمكن قراءة تجددها الذي سيتناسب مع مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة في عصورها اللاحقة بكل تأكيد.
إن كلمات القادة العظام عبر التاريخ لم تكن أقل شأواً من أفعالهم، وهذا ما يبدو هنا بوضوح في حالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فكلماته من حيث القوة لا تقل عن مستوى إنجازاته مطلقاً، وهذا ما يؤكده كتابه «قصتي»، بالإضافة إلى ما سبقه من كتب ومؤلفات.
إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد جدير بوصفه قائداً عبقرياً، ولعل ما استطاع إنجازه وتقديمه خلال ستة عشر عاماً منذ توليه زمام حكم إمارة دبي يفصح عمّا هو أكثر بكثير أيضاً من عبقرية القيادة والإدارة والقرارات الحكيمة، وأقوله الرشيدة بناء على كافة القرارات التي اتخذها وصدرت عن سموه طيلة فترة حكمه، فكلها تتسم بالرشد وهو أعلى مستويات القرار.
إننا لا نملك تجاه هذه الظاهرة الفذة سوى أن نرفع قبعاتنا وننحني إجلالاً وتقديراً واحتراماً لسموه، إنه بحق رجل عظيم وقائدٌ ملهم، ومثله مثل تلك النجوم التي تظهر لمرة واحدة في سماوات البشر كل مئتين أو أربعمئة عام من الزمن وربما أكثر.
أتمنى أن تلاقي مؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، حقها من قراءة وتوزيع ونشر وترجمة إلى كل اللغات ليعرف العالم قصة الحضارة الحديثة التي نهضت وقامت ذات يوم واسمها إمارة دبي، ويتعرف العالم على صفات شخصية القائد العظيم بانيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله. وللحديث بقية.
* خبيرة اقتصاد معرفي