يحمل معرض «إكسبو 2020 دبي» المنعقد منذ مطلع أكتوبر الجاري، والمستمر حتى مارس المقبل في مضامينه، وعلى عاتقه مهمة كونية جليلة، فعدا كونه لقاء حضارات ومختلف شعوب الأرض، فإنه أيضاً يسعى إلى خلق حالة مغايرة، قد يتغير بها مصير هذا الكوكب تغيراً حيوياً مستداماً، من شأنه أن ينقذ الأجيال المقبلة من البشر، والشجر والحيوانات.
تلك المهمة ببساطة هي إنقاذ كوكب الأرض مما يحدق به في الوقت الراهن، وهنا نجد أن ثمة وعياً حقيقياً في تفاصيل «إكسبو 2020 دبي»، لم يسبق له من قبل أن اتسم بها إلى هذا الحد.
يسعى«إكسبو 2020 دبي» إلى تقديم بدائل أكثر جدوى للطاقة والغذاء والماء، بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة، من خلال ما يسميه علماء الجيولوجيا وعلماء البيئة بـ«تحييد الكربون»، أي أن مساعي «إكسبو 2020 دبي» بما يُقدّم في فضاءاته من نماذج أكثر حيوية في الماء والغذاء والطاقة غايتها تحقيق الاستدامة، بما يضمن تحقيق المساواة في التبادل بين عمليتين، هما: «ما يضاف إلى الغلاف الجوي من الكربون من نواتج استخدام الطاقة والعمليات الحيوية الطبيعية كتنفس الكائنات الحية وغيرها»، و«ما يُستهلك من الكربون كعمليات التركيب الضوئي لدى النبات»، وهذا ما يمكن تعريف مصطلح «تحييد الكربون» به بكل وضوح.
والهدف من سعي«إكسبو 2020 دبي» لتحقيق حالة المساواة بين تلك العمليتين هو المحافظة على عدم زيادة كمية الكربون في الغلاف الجوي، إذ يتجه العالم إلى تلافي الكوارث البيئية، بسبب تغيرات المناخ، وما نشأ عنه من ظواهر جديدة كظاهرة الاحتباس الحراري الناشئة عن زيادة الكربون، التي تقلل من خروج الأشعة الشمسية المرتدة من سطح الأرض خارج الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى رفع حرارة مناخ الأرض.
ومصطلح «محايدة الكربون» له علاقة وثيقة بالاقتصاد المعرفي عموماً، فحين يوصف كيان ما (مثل شركة أو خدمة أو منتج أو حدث) بـ«محايد للكربون» فإن ذلك يعني أن هذا الكيان، يقوم، أو أنه قد قام بالفعل، بالموازنة بين انبعاثات الكربون، التي يتسبب فيها، عن طريق تمويل كمية معادلة من كميات الكربون المدخرة في أماكن أخرى من العالم. ويتجه«إكسبو 2020 دبي» إلى تحقيق هذه الوفورات، من خلال منح الفرص المساعدة في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع كفاءة الطاقة، والتي يحقق الكثير منها فوائد اجتماعية ومجتمعية إضافية في البلدان النامية، على الأقل، بالإضافة إلى تقليل غازات الاحتباس الحراري.
ويمكن القول: إن هناك عدداً كبيراً من الشركات في العالم التي يمكن وصفها بأنها محايدة للكربون، من خلال التزامها بمواصفات المعهد البريطاني للمعايير (BSI) بهذا الصدد، حرصاً منها للحصول على المزيد من الفوائد، بما فيها التسويقية، كما أن إدراكها أهمية محايدة الكربون يلعب دوراً رئيسياً في استراتيجية الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، ويمكنها من القيام بدورها في تغير المناخ العالمي، عدا ذلك فإنها تدرك أيضاً أن العملاء يفضلون شراء المنتجات والخدمات من المصادر المهتمة بالبيئة.
أخيراً يمكن القول: إن«إكسبو 2020 دبي» يسعى حثيثاً وبجهد كبير لتعزيز وتعميم صفة «محايدة الكربون» في تفاصيل مخرجات الاقتصاد العالمي بشكل كلي، من خلال ما حرص على تقديمه، وما يحرص على أن تستلهمه كيانات الاقتصاد العالمي من تفاصيل فضاءاته المتضمنة لـ 192 دولة في العالم، لغاية جليلة هي إنقاذ كوكب الأرض، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة إلى أبعد مدى زمني ممكن. وللحديث بقية.